القليشة والحوت الأزرق!!!

    "يا ولد واش راك تلعب؟"، صاحت الحاجة الزهرة في فزع وتهويلة كبيرة، نزعت هاتف ابن ابنتها "الفقص" من نوع "نوكيا 1100" لترى ماذا يلعب، "واش هاذي اللعبة تاني؟ راك تلعب دوك في الحنش، بركاك من الحوتة الزرقة؟" والخوف يرتسم على معالم وجهها النحيف، أسرعت جارتها خالتي الفقيهة الساكنة حديثا بجنبها، تتساءل عن سبب صراخها، فهمت من حديثها الطويل وغير المفهوم وهي الكبيرة التي لا تدرك معنى التكنولوجيا الحديثة، أنها تتكلم عن لعبة "خطيرة" باتت تهدد أطفال الجزائر، لم تقتنع خالتي الفقيهة كثيرا بما تراه وتخبرها الحاجة الزهرة، فكيف للعبة على الهاتف أن تسبب القتل، وفوق ذلك ففي العالم كل الحالات التي سجلت ادعي فيها أن سبب انتحار الأطفال فيها متعلقة بلعبة الحوت الأزرق، فيها الكثير من الكلام، لأن اللعبة ظهرت في 2013 ولم يتثبت بعد أنها وراء انتحار الأطفال، والأحداث وقعت فقط في روسيا أين ظهرت وفرنسا والسعودية واليوم في الجزائر، ولو كانت حقيقة خطيرة ومرعبة وتؤدي إلى القتل لتم حجبها في العالم قبل اليوم، ولو منعت من التداول ولو تدخلت المنظمات العالمية لحماية الطفل وغيرها لمنع الأمر ولم تحدث الهلع الذي يقوم به الإعلام الجزائري، كما أن المجتمع الجزائري ليس بذلك التفكك والتميع حتى تكون حالات الانتحار بسبب لعبة لأن فيها الكثير من الدراسة والبحث قبل توجيه الاتهام للعبة "الحوت الأزرق"، تكلمت كثيرا خالتي الفقيهة حول الموضوع لتفهم الحاجة الزهرة وهي التي درست عند الفرنسيين وعملت في الإدارة قبل تقاعدها على ما أخبرت عن نفسها.
نظرت الحاجة الزهرة مطولا في خالتي الفقيهة، وقالت:"المهم مادام راهم يقولو تقتل كاين منها، وأنا هذاك الفقص غير التلفون ألي ما يلعبش بيه، وأنتِ تلعبيها تفهمني خير من الدولة يا وحد الحركية، روحي روحي خليك من هادي الهدرة، أنا راني نشوف كل يوم تيليفزيو والنهار راهي تقول بلي راهي تقتلهم"...
فجأة تذكرت أنها لن تعد بعد غدائها لأنها لم تقبض منحة تقاعد زوجها المتوفى بعد لعدم وجود المال في البوصطة، وعليها أن تدفع ملفا جديدا تخبرهم فيه أنها لا تزال على قيد الحياة وإلا لن تقبض المنحة هذا الشهر، ابتسمت في خجل وهمست في أذنها "يا الفقيهة يرحم والديك كاش ماراكي مطيبة عطي لهذا الفقص شوية ماكلة راهو من البارح ما كلاش لقمة راهو للجوع"، ايتسمت هي الأخرى وقالت:"أرواحو أواحو الفطور عندي اليوم".
يسرقها من الواقع هشام يخلف الشوف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إنطباع قارئ : علمتني الحياة لعلوش رفيقة... كتيب لشحن الثقة

من قتل أسعد المروري.. رواية السائح حين تقرأها في وهران!!!

من مكتبتي : في النقد الأدبي الحديث لمحمد ساري،... محمد مصايف الناقد الجزائري الذي لا تعرفه