"إبتكار الألم" للقاص الجزائري "محمد جعفر".. الألم كما توقعته: غريبا عني!
بعد أول
مجموعة قصصية "طقوس امرأة لا تنام" قدمها لنا الروائي الجزائري
"محمد جعفر" ودخوله تجربة الرواية هاهو يعود إلى أصله، بعنوان
ظهر على السواد وبلوحة فنية كخلفية وغلاف للكتاب رائعة جدا ومعبرة "إبتكار
الألم" الصادرة عن داري الجزائرية "منشورات الإختلاف"
واللبنانية "منشورات ضفاف" هذا العام، في ألو طبعة وصدور.
للقصة القصيرة نفس خاص لا يشبه الرواية وإن كان
من كتبوا القصص استطاعوا كتابة الرواية، لكن تبقى القصة القصيرة لافت في الأجناس
الأدبية، ورغم التبشير العظيم بأن الزمان هو عصر الرواية وقرن الرواية بامتياز إلا
أن القصة القصيرة لا تزال تصدر ويكتب فيها وحولها وعنها كثيرون، وفوقها لها
متابعون وقارئون، ولهذا كتب لنا "محمد جعفر" وهو كله يقين كما
عبر عن ذلك أن هناك عودة للقصة القصيرة وقد عاد...
في "إبتكار الألم"
عدد من القصص التي تدور حول موضوع رئيس هو الألم، الألم بأنواعه العميق والبسيط
الدائم والزائل الموصل للألم والمخرج إلى عالم الألم وكله ألم، ويبقى الألم أساس
الأدب لأن التراجيديا قامت ولا توال قائمة في عالم الأدب، ويبقى أكثر المتألمين
أجمل المبدعين فوحده الألم الأقدر على قول أكثر مما يقال عن الفرح والضحك وكل
الأشياء الجميل في الكون، وجدنها في الإبتكار، فحكاية من نوع السيارة التي كان على
متنها القاتل والإرهابي باتت أكبر في الخبر من الألم الذي عاشته تلك العائلة في
الحي الشعبي وكيف أهين وكيف عذب وفي النهاية لم يجد المحققون أي شيء ضده ومن باب
غلق التحقيق وطي ملف القضية تم توجيه إتهام له مع ألم متواصل قادم، فحاول اللعب
على تفصيل صغير تافه مقابل قضية كبيرة هي ظلم لحق إنسان ومن وراءه زوجته وأولاده،
وهي مجتمعاتنا تفعل ذات الشيء في تعاملها مع الألم الفردي ذات الأمر نجده مع
محاولة الإنتحار فتشي الجميع ألم المسكينة ولم يتذكر أحد معاناتها وآلامها وقتل
زوجها وحبيبها، لكنهم اهتموا بتفصيل صغير وهي محاولة قتل نفسها، أما في عودة
المنفي إلى وطنه فالألم أصبح غريبا في زمن بات خبزا يوميا في حياة الجزائريين، ولم
يعد له معنى لكن عند المنفي أكبر معنى، وألم المتحرش بها يوميا وكل لحظة أعظم من مجرد
لقطة أو لمسة أو كلمة تسمعها وهي التي تعيشه لدرجة باتت تفكر في قتل المتحرشين بها
حتى لطفاء والقريبين منها أصابهم غضبها وألمها معا، الإنتقال من ألم إلى ألم وكيف
يتحول الألم إلى حكاية يتسلى بها أو إلى جزئية تافهة في مجتمع وداخل نفوس لا تقدر
الانسان الكائن، هذا ما حاول "جعفر" تصويره لنا في قصصه طاف بنا
بين عمق الألم وسطحية من حولنا بذات الألم، ومشاهد كيف يتعامل العاديون مع آلام
الأخرين، وليس هذا ابتكار أبد بقدر ما هو مجرد تقنيات استخدمها ليصور لنا معاناة
المختارون وأبطاله المهمشون بسبب آلامهم البسيطة، وهي أعظم من مجرد ألم، لو عشناه
كما عاشه هؤلاء وكما صوره لنا "محمد" في "إبتكار الألم"...
فشكرا لك صديقي على الألم
هشامو
تعليقات
إرسال تعليق