مجرد ثرثرة : النشر الفوضوي للكتب.. مفيد !؟
تعيش
الجزائر منذ حوالي سنوات قليلة جدا حركة واسع للطبع والنشر خاصة في المجال في
الأدبي، ربما ساعد في الأمر شيئان، هو تأسيس عدد من دور نشر جاءت بسياسية جديدة
وأدخلت تقاليد ليست قديمة ولكنها غير معروفة في الجزائر، وهو استعدادها لطباعة أي
نص أدبي خاصة رغب صاحبه في نشره على حسابه بعيدا عن كل المعايير النقدية والفنية
والمطبعية المتعارف عليها عادة لدى الكتاب والمثقفين بشكل عام، أما الأمر الثاني
هو صعود أقلام شابة جديدة وكثيرة سمحت مواقع التواصل الإجتماعي من إكسابها شهرة
حفزها وشجعها ودفعها بقوة إلى ولوج عالم الطبع والنشر، في ظل توفره بطريقة ما حسب قدرة
كل واحد على تحمل تكاليف الطبع، وتحمل مهمة التوزيع والتسويق والدعاية لكتابه
المنشور.
طبعا
هذا الوضع لم يرضي الجميع، لأن حسب البعض هو عارض مرضي لابد له من علاج، ولابد أن
تتوقف آلة الطبع، وتختفي أسماء وهمية عن الكتابة لأنهم - حسبهم - يمارسون التعبير الكتابي والإنشاء الذي لا صلة
له بالكتابة الإبداعية، كونهم مجرد عبارات متراصة بطريقة جميلة ومسجوعة وفي معظمها
– حسب إدعائهم – مسروقة من هنا وهناك، وتفتقر إلى الجمال وقوانين الأدب وقواعده
الإبداع، وأنها مجرد نصوص لا ترتقي إلى مصاف نص أدبي يحق له الطبع.
الغريب
أن كل هذا النقد صادر عن كتاب سواء كانوا كبار أو ذو صيت لا تخلوا انتقاداتهم من
مجرد أنها آرائهم وإنطباعاتهم الشخصية، وهي غير صادرة عن جهات نقدية ذات سمعة لأن
الجميع يعرف أن آلة النقد الأدبي في الجزائر معطلة وشبه غائبة اللهم إلا من
إنطباعات نقدية في - تصوري – ليست دراسات نقدية محترمة لكل ما يصدر، ولا تخلو
الساحة من غياب كلي ومطلق للدراسات النقدية حتى لا تكون أحكامنا شمولية بل لا تزال أسماء محترمة تعمل على غرار الدكتور
السعيد بوطاجين ومحمد ساري وغيرهم ممن يعملون في صمت، ولهذا لا يمكن اعتبار هذا
القول صائب كلية ولكن فيه من الصواب ما فيه، لا يمنع في المطالبة بالأخذ به لما
يؤثر على جودة ما ينتج في الأدب الجزائري.
القضية
ليست متعلقة بالجودة حسب ما يبحث عنه هؤلاء لأن هناك نصوص كثيرة باتت تجد طريقها
إلى جوائز محترمة داخل وخارج الجزائر من كتاب لا يعرفهم أحد إلى أن تعلن أسمائهم
أو يتلقون إهتماما إعلاميا ما، ولا هم
مطلعون على ما يصدر بشكل كبير وكافي، ولا ينزلون إلى ما دون مستواهم الذي
لا يسمح لهم طبعا بقراءة الإنتاج المحلي، كما غرد أحدهم كبار مهتمون بما يصدر في
الغرب وينتظرون المشرق ومحليون يقرؤون على منوالهم فلا يسمع أحد بأحد، لكن الجميع
يلوم الجميع، القضية تتعلق بعامل نفسي – في تصوري – هو التقليل والانتقاص والنظر بعين
النقص لكل من نعرفه وقريب منا على منوال قول الشاعر "مغنية الحي لا تطرب".
أما
المرض الكبير الذين لا نزال نعاني منه ويمارسه كل واحد منا بمستوى معين هو الأبوية فيرى البعض أنه لا يحق لفلان
النشر وأن فلان لا يزال صغير ويصفه آخرون بالمراهق والآخر بصناعة من طرف جهات وأن
نص فلان مسروق هو دون المستوى، أما فلانة فهي أنثى لهذا نشر لها، والبعض ينزل لمستوى
الطعن والقذف والشتيمة ولا يصبح حديث مثقف متأدب متخلق من نخبة المجتمع، لا أريد
أن أغرق أكثر حتى لا أقول عيبا.
التراكم،
سنة كونية مهمة في الحياة والمجتمعات والدول وحتى الإبداع هو أيضا، أن تمنح الفرصة
لكل واحد فهذا حق للجميع لا يحق لأحد أن يحرم أحدا منه، ولا يمكنه بأي حال أو وصف
أن يقتل وينهي إبداع كان كبيرا راقيا أو صغيرا تافها، فهو جهد مهما كان، يبقى الأمر
التالي وهو الزمن، وحده الزمن يخبرنا من يستمر ومن لا يستمر، من يصنع شهرته بقوة
نصه ومن يصنع شهرته بغيرها، لكن التاريخ لا يخلد الجميع، فرغم ملايين الكتب التي
تنشر في العالم وفي كل دولها لا نسمع إلا بالقليل منهم، ولا تبقى نصوصهم إلا لأنها
تستحق أن تخلد وتدخل ذاكرة الإنسانية وتصبح إبداعا عالما ونصا يتجاوز حدود بلدته
ومدينته ودولته، ومن لا تعترف به أنت يعترف به آخرون لأنهم يميزون بلا دوافع ذاتية
كتلك التي تجمعنا بين ما هو جميل رفيع وما هو رديء.
لهذا
أقولها "خلوا بين الكاتب ودار النشر" فمن شاء نجح ومن شاء فشل...
يسرقها من الواقع هشام يخلف الشوف
تعليقات
إرسال تعليق