الهوية الجزائرية.. جذور الحكاية (01)

   الهوية الوطنية الجزائرية من القضايا التي لا تزال محل نقاش حاد جدا في البلاد، ومثير من الملفات باتت مرتبطة بها على غرار ملف المنظومة التربوية القوانين الاجتماعية الجانب الثقافي وفوقها التوجهات العامة للسياسة والحكومة الجزائرية، التي تؤجج المشاعر بالدرجة الأولى لدى الجماهير بمختلف مستوياتها.
   ولما نتكلم عن الهوية لابد من العودة إلى التاريخ لنبحث في ملف متى طرح؟
نجد أنفسنا أمام مرحلة بدأ فيها النقاش حول الهوية، فنجده بدأ مع الفترة الاستعمارية الفرنسية في بداياته الأولى، ولما كانت الهوية قضية فصل فيها الفرنسيون منذ قرون، فعصر القوميات كان في القرن الخامس عشر ميلادي في أوروبا، في الوقت الذي كان العالم الاسلامي  الجزائريون بعيدون كل البعد عن هذا الموضوع، لاعتبارات منها الحياة الفكرية والعلمية وطبيعة مكونات المجتمع الإسلامي ونظام الحكم السياسي ذو البعد الديني القائم على أن المسلمون يشكلون وحدة لا تتجزء بوصفها "أمة" كما جاء في القرآن، متساوون ولا فرق بينهم في العرق والجنس واللون واللغة إلا بالتقوى، ولهذا فمسألة الهوية محسومة نوعا ما عند المسلمين.
  ولهذا تقريبا لم يفكر الجزائريون قبل هذا التاريخ في هويتهم، حتى جاء نابليون الثالث إمبراطور فرنسا ليعلن ضمن مرسوم سيناتوس كونسيلت سنة 1863 معتبر أن الجزائريين رعايا فرنسيين مادامت الجزائر جزء من الوطن الفرنسي، لم يحدث هذا فرقا كون الجزائريين إما كانوا في حالة حرب أو مقاومة أو هجرة أو مجاعة إلى جانب جهلهم باللغة الفرنسية ومتابعة ما يحدث بكل التفاصيل عن قضية الهوية والإنتماء، حتى أعلن قانون كريميو سنة 1870 القاضي بتجنيس يهود الجزائر، وما منحته الجنسية من تفضيل للمعاملة وتحسن ظروفهم جعل الجزائري ينتبه إلى طبيعة هذا التوصيف وهي الجنسية الفرنسية، بعد أن كان المسلمون واليهود يعاملون نفس المعاملة من طرف المستعمر الفرنسي، وهنا بدأت بعض المطالب المحتشمة من بعض الشخصيات الجزائرية تطالب بتحسين أوضاع وظروف ومعاملة الجزائريين المسلمين وفق ما يتلقاه اليهود الجزائريين المتجنسين بالجنسية الفرنسية.
ولكن لن يظهر الأمر بشكل جلي حتى مطلع القرن 20م لينفجر سؤال الهوية والأنتماء بعد تزايد مطالب تجنيس المسلمين، وهنا يبدأ النقاش بين الفئات الاجتماعية والعلمية وأوساط المثقفين حول التجنيس والجنسية ومعه فكرة الوطن والشخصية الوطنية...
يتبع...
      
هشام يخلف الشوف 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إنطباع قارئ : علمتني الحياة لعلوش رفيقة... كتيب لشحن الثقة

من قتل أسعد المروري.. رواية السائح حين تقرأها في وهران!!!

من مكتبتي : في النقد الأدبي الحديث لمحمد ساري،... محمد مصايف الناقد الجزائري الذي لا تعرفه