الإستحمار متواصل...
تناول علي شريعتي من خلال كتابه "النباهة والإستحمار" موضوعا قديما متجددا رغم أن الحديث يعود إلى الخمسينيات من القرن الماضي وكان موجها نحو المستعمر على وجه الخصوص إلا أننا نجد أن أنظمة الحكم القائمة حاليا استوردت هذا النموذج في تسيير شعوبها أو لنقل ورثته من المستعمر التابعة له وباتت تنفذه نيابة عنها من خلال حرب متواصلة على النباهة ومأصلة للإستحمار قد طورت أكثر في وسائلها التي من خلالها باتت المعركة أشرس وأصعب في ظل امتلاك السلطة والمال والأذناب من أعوان الاستبداد فلا غرابة أن نجد أن القضايا الرئيسية للإعلام هي الفضائح وأن اهتمامات الطبقة المثقفة هي ترف فكري وصراعات ديكة حول الأفكار والمصطلحات وتطبيق نماذج بعيدة عن واقعهم وانتمائهم لا يمكن لها أن تسود في مجتمعاتهم، وأرباب الأموال يوجهون أموالهم للرفاهية والإسراف والتبذير على التفاهة والسخافة كصناعة السيارات من الذهب وبناء قصور لتباهي وكراء الجزر وغيرها التي لا تعني إلا هدر المال خاصة إذا كان من المال العام مبني وبهذا لا هدف لدى هؤلاء إلا خدمة مصالحهم المرتبطة بتلك الأنظمة المحلية والعالمية، فيما القضايا الرئيسية من حرية وعدالة وكرامة وتنمية وتعليم هي مثاليات لا نبغي الحديث أو تضييع الوقت فيها.
لا غرابة إذا أن نجد حديثا على مهرجانات عالمية تصرف فيها الملايين والملايير لا تفيد إلا واحد في المائة، وحديث عن مسابقات في الغناء والمواهب وناس لم تشبع بعد، ونسمع عن شركات كبرى لا يعمل فيها أهل البلد، ونتكلم على سرقات وقتل ونهب وحروب على قطعة أرض، ومعارك بين دول حول مذهب ديني وأخر فقهي، ونغرق في التطرف بسبب تغييب الوعي والنباهة والعلق بحجة عجزه في ظل إنتشار الأهمية والجهل وتعميمها وغلق مجالات البحث وقتل المبادرات وإغتيال العقل والشرف وتلويث السياسية حتى يفر الناس منها مع الإستعانة بالديني كما لم يستعان به من قبل لتبرير الظلم والقهر والسلب والإستبداد والإستعباد خاصة محاولة الإستعانة بالمقدس من القرآن والحديث لتبرير كل ما يحصل على أنه قضاء وقدر وواجب الحمد والشكر على ما نحن فيه رغم سوءه أو درء الفتنة وحماية الأرواح رغم أن ما يقتله الحاكم والأجنبي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في ظل الخلاف القاتل ويقتله الجوع والمرض والمهانة أكثر بكثير جدا مما قد يقتل في ثورة وتمرد شعبي لصالح تغيير أحواله وظروف معيشته وتحقيق حريته والسعي للعدالة والكرامة.
هشامو
تعليقات
إرسال تعليق